رفقا بالعربية يا حماة العربيةبقلم : حسب الله مهدي فضله📜📜📜📜

اتصل بي بعض الإخوة يسألونني عن موقفي الشخ وموقف الاتحاد العام لمؤسسات دعم اللغة العربية في تشاد من الجدل المحتدم في هذين اليومين على صفحات الفيسبوك، بين بعض مثقفي العربية حول إصدار إدارة جامعة الملك فيصل بتشاد أحد قراراتها الداخلية باللغة الفرنسية.
ولبيان رأيي الشخصي حول هذا الموضوع أقول إن معظم التعليقات والمنشورات التي تناولت هذا الجانب انبنت على موقف الشخص المعلق من الأخوين العزيزين المرتبطين بهذا الحدث، سواء بالتأييد أو الانتقاد، لهذا الشخص أو ذاك، دون النظر في جوهر الأمر، ومدى تأثيره على مسيرة تطبيق رسمية اللغة العربية في دواوين الدولة بشكل عام. بغض النظر عن الموقف المبدئي للأخوين المعنيين وما يقصده كل منهما من فعله أو قوله.
فأغلب التعليقات التي قرأتها تدور حول الجانب الشخصي، ولا تقوم على المبدأ، سواء بالهجوم أو الهجوم المضاد، هذا هو الأغلب، وليس تعميما.
وهذا في حقيقته مما يزيد في حالة الفرقة والانقسام بين مثقفي اللغة العربية مما يؤدي إلى ضعفهم وتقليل مكانتهم، ومن ثم تقليل مكانة اللغة العربية في الدولة بصفة عامة، مصداقا لقول الله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
فبالنسبة لي شخصيا كنت دائما أقدم ملاحظاتي وتصويباتي حول الأخطاء التي ألاحظها في منشورات الإخوة، أقدمها لهم غالبا على الخاص عبر الماسنجر أو الواتساب.
وكثير من الإخوة الناشطين وخاصة الإعلاميين يعلمون ذلك.
بل حتى إخواني الذين يتولون مناصب مسؤولية في مؤسسات الدولة المختلفة، كنت حريصا على تقديم النصح لهم بعيدا عن منصات الإعلام.
لأني أعلم أن الإعلام سلاح ذو حدين، إذا لم نحسن استخدامه فإن ضرره أكبر من نفعه.
أما عن الاتحاد، فإن رسالته المنصوص عليها في وثائقه الرسمية هي: (نشر اللغة العربية والتعريف بمكانتها وأنها لغة علم وحضارة وإدارة، ومعالجة التحديات التي تقف أمامها في تشاد، مع بذل الجهود لتطبيق رسميتها وتحقيق مساواتها عمليا مع الفرنسية في إدارة الدولة التشادية).
و الرؤية التي يتطلع إليها الاتحاد ونص عليها في وثائقه الرسمية هي: (توحيد جميع المنتمين إلى اللغة العربية في تشاد في صف واحد وتقوية مهاراتهم وتوظيف طاقاتهم من أجل خدمة اللغة العربية، وكسب المناصرين لها على المستوى الرسمي والشعبي، حتى تتبوأ مكانتها الطبيعية كمكون أساسي للهوية الوطنية التشادية).
لذلك لم يكن الاتحاد طرفا في أي صراع بين مثقفي العربية، بل حتى حينما يحاول البعض استفزاز الاتحاد والتهجم عليه بمقولات خاطئة يملك الاتحاد الردود المفحمة عليها، فإنه يفضل أسلوب ضبط النفس على أسلوب الانتصار للنفس، إيمانا بمبدأ البيان بالعمل (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ).
وحتى عند حصول الأخطاء تجاه العربية من قبل بعض مثقفي الفرنسية ظل الاتحاد حريصا على بناء جسور التواصل والحفاظ على شعرة معاوية مع مختلف الجهات، ولم يلجأ الى التصعيد الإعلامي إلا عند انسداد كل القنوات.
فهناك العديد من الرسائل المكتوبة واللقاءات مع المسؤولين على المستويات الرسمية المختلفة، ظل الاتحاد يقوم بها لبيان وجهة نظره دون الزج بها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
لذا أوجه ندائي لجميع الإخوة محبي اللغة العربية والحريصين على مصلحتها وتعزيز مكانتها، أدعوهم للتخفيف بقدر الإمكان من حدة الانتقادات المتبادلة فيما بينهم، حتى في غير موضوع رسمية اللغة العربية، لأن كثرة الانتقادات العلنية توغر الصدور وتباعد القلوب، كما يقول مثلنا الشعبي: (جغجاغ السنون بجيب الدم).
وإذا كان الله تعالى يوجه المؤمنين في أسلوب التعامل مع المخالفين لهم في أصل الأصول بالنسبة للمسلم، أي العقيدة، فيقول تعالى: ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)، فما بالنا بمن هم يرتبطون فيما بينهم بكثير من الروابط المصيرية ويختلفون فقط في الفروع والوسائل؟
والوضع العام لمسيرة اللغة العربية في وقتنا الحاضر – كما يعلمه المتابعون بجدية وموضوعية- لا يتحمل مزيدا من التشظي والانقسامات بين المنتسبين إلى هذه الدوحة العظيمة.
فلنعمل من أجل الوحدة وتآلف القلوب إذا كنا نعمل حقا لمصلحة اللغة العربية، لاسيما من يريد الدخول ضمن المعنيين بهذا الوصف الجميل الذي أطلقه شاعرنا الراحل الأستاذ عيسى عبد الله رحمه الله: (يا حماة العربية).
إذن، رفقا بالعربية، يا حماة العربية.

CATEGORIES
Share This