تشاد #آداب: عرض كتاب للدكتور حسين عزو حمل عنوان (أثر الصراعات على الإستقرار السياسي في تشاد
شهد اليوم البيت الوطني للمرأة مناسبة تدشين كتاب أثر الصراعات على الاستقرار السياسي دراسة لحالة تشاد في الفترة ما بين عام 1974- 1990 للمؤلف التشادي الدكتور حسين عزو آدم وسط حضور عدد كبير من الكتاب والسياسيين والمسؤولين في الدولة وجمع من القراء والمدعوين وطلاب الجامعات.
و يقع هذا الكتاب وفقا للمؤلف في أربعة فصول موزعة إلى 245 صفحة حيث تطرق الفصل الأول إلى مفهومي الصراع والاستقرار السياسي ، والفصل الثاني تناول غياب الاستقرار السياسي وبداية الصراع المسلح في تشاد بينما تناول الفصل الثالث الصراع في عصر الرئيس السابق فليس مالوم
أما الفصل الرابع والأخير تحدث في أثر البيئة الخارجية على الصراع في تشاد. وتضمن كل فصل منه ثلاثة مباحث تناولت مواضيع مختلفة
وذلك في فترة السبعينات من القرن الماضي، وهي حقبة مهمة في تشكيل المجتمعات الافريقية لبناء الدولة الافريقية، حيث أن معظم الدول الافريقية تحررت في حقبة الخمسينيات والستينيات، والتي واجهت بعدها الدول الافريقية تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية جمة جعلتها تفشل في عملية بناء الدولة، وتحقيق النهضة الاقتصادية وادماج المجتمعات المنقسمة وخلق فرص التعايش بين الحكومات الاجتماعية المتنوعة، لجهة أن الدول الأفريقية نشأت على ميراث الحدود الادارية للدول الاستعمارية دون وضع اعتبارات للتجانس الاثني، فضلا عن تبني النخب السياسية الافريقية بعد انجلاء المستعمر نموذج الدولة الغربية الحديثة دون تكيفيها مع المورث الثقافي والاجتماعي للمجتمعات الأفريقية التي كانت ومازالت تعاني من الفقر وهشاشة الدولة والبنية السياسية التي تستوعب نموذج دولة الحداثة.
وجاء في خاتمة الكتاب أن العقود الستة التي وقعت تشاد خلالها في قبضة الإحتلال الفرنسي أثرت على أوضاع التشاديين الإقتصادية والاجتماعية والسياسية وعمقت من صعوبات بناء الأمة.
ولم يؤدي الحكم الفرنسي إلى بناء إدارة مركزية قوية يمكنها أن تتغلب على التوترات بين العاصمة والأقاليم ويكون بإمكانها التخفيف من المشاعر المحلية، وحدة العداء بين المجموعات العرقية المختلفة وبالتالي خرجت تشاد من الإحتلال مهيأة للتقسيم على أسس عرقية. وقد أحدثت السياسة الفرنسية خللاً في موازين القوى الإجتماعية والثقافية باهتمامها بالجنوب وتأهيله ليتولى مؤسسات الدولة بعد الإستقلال.
بينما ظل الشمال يعاني الإهمال الواضح في كل المجالات وهكذا تكونت كوادر شابة منتقاة من الجنوب وكان إختيار ( تومبلباي) على رأس النظام في تشاد بعد خطوة في هذا المجال وقد عمل بدوره على ربط تشاد بفرنسا أكثر من ذي قبل بموجب سلسلة من الاتفاقيات شملت مختلف الميادين وكان للممارسات الإدارية التشادية الجديدة الأثر السيئ في إنتهاجها سياسة ساعدت على تعميق تلك الفروق الاجتماعية التي فرقت في الماضي بين شطري البلاد، وكانت النتيجة الطبيعية للأوضاع الجديدة تعاظم ما أفرزته السياسات الإستعمارية من تمزق سياسي واجتماعي في البلاد وظلت السياسة الحكومية إمتداد للسياسات الإستعمارية .
فالقيادات السياسية التي تعاقبت على حكم البلاد لم تكن تتمتع بالشرعية السياسية مما أثر في اللجوء إلى العنف كأداه للتغيير السياسي فهي قيادات استلمت الحكم مباشرة من الإستعمار كالرئيس تومبلباي أو من خلال معارك طاحنة أو صلته إلى الحكم كالرئيس هبري
وقد أدى التركيز المفرط في يد الرئيس إلى إنهيار المؤسسة البرلمانية وإلغاء دور الأحزاب مما أثار السخط العام للشعب بصفة عامة وتعددت فئات المعارضة وتبنت فرولينا الخيار المسلح من أجل التغيير وبدأت في تكثيف هجومها علي القوات النظامية مما حدى بالرئيس تمبلباي بالإستنجاد بفرنسا، وقد أظهرت تلك الأحداث مدى الضعف الذي يعانيه النظام ومدى التذمر الشعبي من جراء السياسة الداخلية ، وأمام هذا الرفض الشعبي المتزايد أقدم الرئيس تومبلباي إلى إعلان الثورة الثقافية كمحاولة أخيرة لإرجاء ثقة المواطنين في النظام وقد شملت جوانب عدة منها تسمية المدن بأسماء محلية ، وبدأت تلك الفترة تشهد لوما وتنديداً على الفرنسيين واتهامهم بالإطاحة بحكمه، كما قام بإلغاء الحزب الحاكم وتأسيس بدلاً عنه هيكل سياسي جديد تحت إسم الحركة الوطنية للثورة الثقافية والاجتماعية بهدف كسب التأييد من جانب الشعب إلا أن التنظيم الجديد وقف عاجزا أمام إصلاح الأمور المتردية والتذمر الذي انتشر بين كافة أفراد الشعب.
ولعدم مقدرته على إرضاء كل الأطراف المعارضة مما دفع إلى المبادرة من الجيش بالإطاحة بالنظام نفسه ١٣ أبريل ١٩٧٥م. وتولى الجنرال فليكس مالوم السلطة وبادر بحل الحركة الوطنية للثورة الثقافة والإجتماعية وسار على نفس المنوال السابق ولم يدم طويلا حيث أنهارت حكومته عقب إندلاع الحرب الأهلية ۱۹۷۹م
ويعد الكاتب التشادي الدكتور حسين عزو آدم واحدا من الباحثين التشاديين في مجال العلوم السياسية وهو استاذ العلاقات الدولية في كل من جامعتي الملك فيصل بتشاد وجامعة انجمينا.