انشغالٌ ليليٌّ و »سهر العيد » يسيطر على العاصمة التشادية أنجمينا قبل نهاية رمضان بثلاثة أيام

بقلم/ هارون حسن عبد المؤمن

مع اقتراب نهاية شهر رمضان المبارك، وتبقى ثلاثة أيام على حلول عيد الفطر، تشهد العاصمة التشادية أنجمينا حركةً ليليةً غير اعتيادية، تختلط فيها روحانية العبادة بزحام التحضيرات الأخيرة للاحتفال، فمن دكاكين الخياطين التي تعمل على مدار الساعة إلى صالونات الحلاقة المزدحمة، ومن الأسواق الليلية المضيئة إلى البيوت التي تسهر فيها النساء لتزيين الأيادي والأقدام، تتحول المدينة إلى خلية نحل لا تنام.

الخياطون والحلاقون: « الزبون أولاً ولو طال الليل » في أحياء أنجمينا، تُضاء ورشات الخياطين حتى ساعات الفجر الأولى، حيث يعمل العشرات منهم تحت ضغط الطلبات المتأخرة لتفصيل الملابس الرجالية وفساتين النسائية، يقول حسين حسن عبد المؤمن، أحد الخياطين: « العمل هذا العام مضاعف، والزبائن يريدون ملابسهم جاهزة قبل فوات الأوان، حتى لو اضطررنا للسهر 20 ساعة يومياً ».
أما الحلاقون فيتنافسون في ابتكار تصفيفات الشعر الأكثر رواجاً، حيث تشهد صالونات الحلاقة ازدحاماً غير مسبوق، خاصةً من الشباب الذين يحرصون على إطلالةٍ مميزةٍ في اليوم الأول للعيد.

أسواق الليل: « من الأضواء إلى أظافر النساء » تتحول الشوارع المحيطة بالمساجد الكبرى والأسواق الشعبية، مثل مسجد الملك فيصل وسوق الغلة وسوق الكبير وسوق دمبي وسوق العدالة، إلى أسواقٍ مفتوحةٍ مع غروب الشمس، حيث تنتشر البسطات المليئة بملابس الأطفال الملونة، والأحذية الجديدة، والحلي التقليدية. كما تزدحم محلات بيع مواد التجميل بالنساء اللواتي يسعين لشراء الحناء وأدوات تزيين الأظافر، بينما تتناقل الفتيات في المنازل رسومات الحناء المعقدة، وسط ضحكاتٍ تعلو مع كل خطأ في الرسم.

ليالي الروحانيات… و »سهرات اللعب » رغم انشغال الأغلبية بالتحضيرات المادية للعيد، فالاجواء الروحانية الرمضانية حاضرةً بقوة، تمتلئ المساجد بالمصلين في صلاتي التراويح والتهجد، خاصة في الليالي الأخيرة التي هي من أفضل أوقات الدعاء، وفي المقابل، يجتمع بعض الشباب في المنازل أو المقاهي المفتوحة ليلاً لممارسة ألعاب الورق الشعبية مثل « السكسي » و »الكارطا »، وسط نقاشاتٍ تتراوح بين أخبار الرياضة وتوقعات أسعار الأضاحي.

« السهرة النسائية »: بين الحناء و »تسريحات العيد » في الأحياء الشعبية، تتحول أفنية المنازل إلى صالوناتٍ مؤقتةٍ لتبادل رسومات الحناء بين الجارات والقريبات، بينما تتناوب النساء على استخدام « أدوات نسائية » لتمليس الشعر أو تجعيده، تقول فضيلة أحمد، وهي حاملة وأم لطفلين: « ليالي العيد أجمل من العيد نفسه! نضحك ونعمل معاً، حتى لو انتهى بنا الأمر إلى النوم عند أذان الفجر ».

رغم التحديات الاقتصادية التي تعيشها تشاد، يبدو أن سكان أنجمينا مصممون على استقبال عيد الفطر ببهجةٍ لا تقل عن أي عامٍ مضى، فمن خياطٍ ينهي طلبة الزبون الأخير قبل الفجر، إلى طفلٍ يلهو بألعاب البلاستيكية التي تم تحظيرها فجر اليوم، تختزل المدينة في هذه الليالي قصصاً من الكدح والأمل، والإصرار على صناعة الفرح حتى في أصعب الظروف.

CATEGORIES
Share This